النجاح هو الغاية الأسمى من الحياة، والذي يسعى الجميع إليه رغم مشقة تحقيقه، فهناك من يستسلم منذ أول عقبة تقابله، وهناك --كما يقولون- من ينحت في الصخر؛ لكي يصل إلى هدفه، متحدياً جميع الصعاب؛ ليحولها إلى أمل وطاقة تؤدي إلى النجاح.
وإذا تحدثنا عن النجاح، فالجدير بالذكر عرض الإنجازات والنجاحات التي قام بها العديد من رجال الأعمال السعوديين الذين اعتلوا مراتب مميزة بين أثرياء العالم، ولكل من هؤلاء قصة مشوقة تبعث الأمل في نفوس شباب هذه الأمة العريقة، التي طالما أثرت العالم بالناجحين من أبنائها، ومن أشهر أبناء الوطن الذين اعتلوا سلم النجاح:
1- الشيخ سليمان بن عبدالعزيز الراجحي:
مؤسس بنك الراجحي والعديد من الشركات الاستثمارية، والذي احتل المرتبة الـ107 عالميًا في قائمة "فوربس"، حيث بلغت ثروته 8.4 مليار دولار، ولم يولد سليمان الراجحي من أسرة غنية، بل إنّ له قصة كفاح طويلة، فقد بدأ حياته من الصفر، في عالم التجارة في سن العاشرة، حيث كان يملأ "الكيروسين" في قوارير، ومن ثم يقوم بالمتاجرة بها، وانتقل بعدها وعمل حمالًا ، ثم بائعًا للخردوات، حتى إنه عمل (رمّادًا) كافح بكل السبل ليصل إلى النجاح، وفعل ذلك.
"رحلته في عالم الصرافة"
بدأت عندما كان يبيع ويشتري العملات مع الحجاج، وعندما لاحظ اهتمام الناس ونجاحه بها، قرر افتتاح مكان للصرافة عام 1366هـ، ومنذ ذلك الحين انطلقت مجموعة الراجحي التجارية، التي أصبحت الآن إمبراطورية مالية. وقام بتأسيس مشروع دواجن الوطنية في السعودية، كما يمتلك مزارع للزيتون.
2- مشكور أبو غزالة:
بدأت رحلة أبو غزالة، مؤسس مطاعم البيك، عندما قرر أن يعمل في مجال الأغذية، وأن يفتتح مطعمًا يقدم به كل ما هو صحي من الطعام، فسافر إلى الخارج ليتعاقد مع شركة (البروست) ويكون وكيلها في المملكة، في بداية الأمر كان يقوم بأعمال المطبخ كلها، إلى أن تمكن من إنشاء منظمة قوية تقدم أفضل الأطعمة.
رحلة النجاح بعد الوفاة
روى رامي، أحد أبناء أبو غزالة، أنه بعد سنتين من وفاة والدهم، كانوا طلابًا لا يدركون شيئًا عن شؤون المطعم وأعمال والدهم، بل تعرضوا إلى تصفية المطعم وإنهاء العقد. وعليه قرر أبناء أبو غزالة أن يجدوا طريقة للتخلص من الديون، وإعادة تشغيل المطعم، لذا قرر "إحسان" تصفية كل الأعمال الموجودة واختصارها في شغل المطاعم، وكافحوا في ذلك الطريق، إلى أن تمكنوا من الاستقلال عن الشركات الأجنبية، وقاموا بإنشاء خلطاتهم السرية، حيث مر عليهم ثلاث سنوات كان يجربون الخلطات على الزبائن، إلى أن تم الاتفاق على خلطتهم السحرية الشهيرة للبيك.
3- صالح كامل:
مؤسس ومالك مجموعة دلة البركة، وصاحب مؤسسة ART راديو وتلفزيون العرب، بدأ العمل الخاص كمراجع حكومي "معقب"، وكان لديه عشق خاص للعمل التجاري منذ الصغر، فكان يهوى مجال العمل والاستثمار، ويقوم بصنع الألعاب الصغيرة البسيطة وببيعها لأصحابه.
ثم اتجه إلى عمل عدد من المجلات وبيعها، وفي أثناء ذلك قام بإنشاء مطبعة صغيرة لنسخ مذكرات الطلبة، واستمر في عمله حتى تخرج في المرحلة الجامعية، ومن ثم انخرط في العمل الحكومي، وكان يباشر أمور مطبعته، بالإضافة إلى عدد من المشاريع الأخرى.
مجموعة دلة البركة:
قام بتأسيس مجموعة دلة البركة في عام 1982م، التي تنوعت أنشطتها في مجالات مختلفة؛ كالاستثمار ما بين إعلام وسياحة وأعمال بنكية وعقارية وغيرها، وتعتبر من أشهر الشركات في مدينة جدة، وحقق من ورائها ثروةً هائلةً.
العمل التلفزيوني:
يعد صالح كامل أول من أنشأ مؤسسة للإنتاج الإعلامي، والتي تعرف "بالشركة العربية للإنتاج الإعلامي"، وقد بدأت الـART ببث إرسالها من خلال خمس قنوات في عام 1993 إلى أوروبا والشرق الأوسط.
4 – الوزير المهندس علي النعيمي:
هو الشاب المكافح الذي حول غضبه إلى نجاح يضرب به المثل في كل الأوساط. تبدأ قصته عند برادة المياه التي كانت تشكّل تحولًا كبيرًا في حياته العملية، فعندما كان يعمل عاملًا انتابته نوبة عطش شديدة، فقرر التوجه إلى براد المياه ليروي عطشه، وعندها تقدم إليه مهندس أمريكي ناهرًا إياه، وقائلًا له: "أنت عامل ولا يحق لك أن تشرب من البرادة الخاصة بالمهندسين".
كانت تلك الكلمات قد وقعت كالصاعقة عليه، وأخذ يفكر: هل من الممكن أن أكون في يوم من الأيام مهندسًا، هل من الممكن أن أكون أحد هؤلاء الذين حصلوا على أعلى الشهادات، ومنذ تلك اللحظة صمم وأصر أن يطور نفسه وقدراته.
فبدأ بالقيام بالدراسة الليلية، ثم النهارية، حتى استطاع الحصول على شهادة الثانوية. ولكنه لم يكتفِ بذلك، فكان سقف طموحه أكبر بكثير، فقرر أن يكمل تعليمه، وقدم طلبًا للابتعاث على حساب الشركة، وحصل على بكالوريوس في الهندسة، ورجع لوطنه، وفي أعقاب ذلك ظل يعمل بجد واجتهاد، حتى استطاع أن يصبح رئيس قسم، ثم شعبة، ثم رئيس إدارة إلى أن أصبح نائب رئيس الشركة، ثم عيّن وزيرًا على وزارة البترول والثروة المعدنية سنة 1993.
5- حمد عبدالله الزامل وإخوانه:
بعد وفاة والد محمد سنة 1926، وبعد أن ترك له عبء تحمل مسؤولية 11 أخًا، قرر أن يدخل هو وإخوانه في شراكة مع خالهم في ورشة للألمنيوم، وبعد مدة من العمل، قرر الخال إنهاء الشراكة، وخيّرهم بين المصنع أو قطعة أرض كانت شرط مشاركتهم له.
فقرروا إنشاء مصنع للمكيفات، ولتطبيق فكرتهم على أرض الواقع، لجأ الإخوة إلى أسماء معروفة في عالم صناعة المكيفات، إلا أنهم صدموا بعدم موافقة الجميع على طلبهم، لكن طموحهم وإصرارهم كان أقوى للنجاح.
وتمكنوا أن يطوروا أعمالهم، لتشهد المملكة في عام 1974 إنتاج أول مكيف وطني وبطاقة إنتاجية بلغت 40 مكيفًا، واليوم تنتج الشركة ما يناهز 320000 مكيف من أنواع وأشكال مختلفة، إضافة إلى تمكن المصنع من التصدير إلى 24 دولة، واليوم يحتل "الزامل" للحديد المركز السادس في العالم.
6- الوليد بن طلال
على الرغم من انتمائه إلى العائلة السعودية الملكية، لكن هدفه منذ البداية كان النجاح بعيداً عن نفوذ وتأثير أسرته.
الحلم كان إمبراطورية اقتصادية ضخمة. وهذا ما حصل، بمبلغ 100 ألف ريال قدمها له والده كهدية، أسس «مؤسسة المملكة للمقاولات» وبدأت تحقق نمواً سريعاً، وكانت حينها تركز على أعمال البنية التحتية. أما حالياً فتعرف باسم «المملكة القابضة» التي باتت تشمل مختلف المجالات؛ من إعلام وفنادق وترفيه وإلكترونيات وبنوك وغيرها.
يقال إن الصفقة التي أحدثت تحولاً جذرياً في حياته كانت صفقة «سيتي غروب» عام 1991. وحالياً يعد من أكبر من المستثمرين في العالم، وهو حاضر بشكل دائم على لوائح أغنياء العرب والعالم بثروة تقدّر بـ32 مليار دولار.
ينشط في أعمال الخير، ومؤسسة الوليد بن طلال الخيرية خير دليل على ذلك. أعلن مؤخراً عن نيته التبرع بثروته كاملة للأعمال الخيرية في المملكة وحول العالم.
سر النجاح.. العقل التجاري، أولاً: اقتناص الفرص التي طالما اعتبرها المدخل لنجاح أي شخص، ثانياً وثالثاً: المهنية والالتزام بما يقوم به، فهو يعمل وفق قاعدة «إن كنت سأقوم بعمل ما، فالأفضل تنفيذه بشكل مذهل، وإلا فلن أقوم به على الإطلاق».
كانت تلك نبذة عن بعض من رجال الوطن، الذين لم يستسلموا لليأس ولا للعقبات التي واجهتم، بل حولوا كل طاقتهم السلبية إلى قوة أناروا بها طريقهم، وصعدوا سلم المجد، وكتبوا حروف أسمائهم من ذهب.